أصبحت المنشطات هي العدو الأول للرياضيين والخطر الداهم الذي يهدد الرياضة. فخطر المنشطات بدأ يتسرب في الفترة الأخيرة الى الرياضة العربية، وبدأ يغزو بعض الألعاب الفردية فيها على وجه الخصوص مثل رفع الاثقال وألعاب القوى والسباحة وبعض اللعبات الجماعية لدرجة انه تسرب الى كرة القدم ايضاً.. وسيقوم «الفيفا» بالكشف عن المنشطات عن طريق الدم في مونديال كوريا واليابان.
وبدأ المسؤولون عن الرياضة العربية خاصة الاتحاد العربي للألعاب الرياضية والاتحاد العربي لكرة القدم يتنبهون لهذه الآفة.. وبدأوا مرحلة اعلان الحرب على المنشطات ومن خلال هذا التحقيق تفتح «الجزيرة» ملف المنشطات وأخطارها على الرياضيين.
شهدت دورة الألعاب الاولمبية في سول بكوريا الجنوبية عام 1988 أكبر فضيحة للمنشطات وكان بطلها العداء الكندي بن جونسون الذي فاز بسباق 100 متر عدو وهو اقوى سباقات السرعة وحقق 79.9 ثانية وجاء بعده في المركز الثاني الامريكي كارول لويس بزمن 92.9 ثانية ثم الانجليزي لينفورد كريستس بزمن 97.9 ثانية.
وبعد أن صعد بن جونسون منصة الشرف والتتويج وتقلد الميدالية الذهبية.. بدأت فضيحة تعاطيه للمنشطات تطفو على السطح بعد اكتشاف ان عينة البول التي تم تحليلها له جاءت ايجابية وقررت اللجنة المشرفة في الدورة الاولمبية سحب الميدالية الذهبية من بن جونسون وايقاف اللاعب عن المشاركة في بطولات ألعاب القوى واذا كانت فضيحة بن جونسون يعلمها الرياضيون قبل غيرهم إلا انهم لا يزالون يتعاطون المواد المنشطة من أجل زيادة لياقتهم البدنية.
قوى العرب
لم تكن رياضة ألعاب القوى الدولية هي فقط التي دخلت فيها المنشطات بل ألعاب القوى العربية ففي الدورة العربية الأخيرة بالأردن.. ظهرت ثماني حالات للمنشطات مقابل 11 حالة في الدورة العربية الثامنة التي سبقت دورة الحسين وكانت حالات المنشطات في دورة الحسين بالأردن للاعبتي المغرب سهام حنفي «3 ذهبيات» وكريمة شاهين برونزية في رمي القرص.. والحالات الست الباقية كانت في كمال الأجسام وهي للعراقي عباس حميد جعفر ذهبية وزن 75 كيلو جراماً، والمصري احمد عبدالسلام فضية وزن 75 كيلو جراماً، والأردني بلال ابو راموح فضية وزن 90 كيلو جراماً، والجزائري زاهي عمر ذهبية وزن 80 كيلو جراماً، ولاعبي لبنان يوسف الزين فضية وزن 90 كيلو جراماً، ومحمود شقير برونزية وزن أكثر من 90 كيلو جراماً وبالطبع فقد كان قرار الاتحاد العربي للألعاب الرياضية هو سحب هذه الميداليات من الغشاشين الذين سرقوا حق غيرهم في الحصول على الميداليات والوقوف فوق منصة التتويج.
آفة الأثقال
وآفة المنشطات بدأت تضرب بجذورها بقوة في رياضة رفع الأثقال العربية والافريقية والعالمية وبدأ الاتحاد الدولي يشن حملة كبيرة من اجل محاربة هذه الآفة.. والتقارير التي خرجت عن الاتحاد الدولي من خلال اجتماعه الأخير في الدوحة عاصمة قطر على هامش بطولة الجائزة الكبرى تعتبر رهيبة.
فقد أعلن رئيس الاتحاد الدولي للاثقال ايان تاماش المجري الجنسية بأن الحالات الايجابية زاد معدلها عن الطبيعي في عام 2001 حيث ظهرت 32 حالة ايجابية منها 24 للرجال و8 للسيدات وذلك في 13 دولة للرجالة و6 دول للسيدات وفي احصائية رسمية من عام 1995 حتى عام 2001 يؤكد جميل حنا رئيس الاتحاد الافريقي لرفع الاثقال أن العينات الايجابية للمنشطات وصلت 12 حالة في روسيا و13 في بلغاريا و13 في ارمينيا و12 في كازاخستان و10 في تركيا، كما تم ايقاف 3 دول في عام 2001م لوصول عدد حالات المنشطات الى ثلاث حالات او اكثر وهذه الدول هي ارمينيا ونيجيريا وتونس.
قائمة الغشاشين
وكان الاتحاد الدولي للاثقال قد اصدر قائمة بأسماء اللاعبين العرب والافارقة والموقوفين ومواعيد انتهاء ايقافاتهم ووصل عدد اللاعبين المتعاطين للمنشطات في نيجيريا الى 6 لاعبين ولاعبات وفي تونس الى اربعة لاعبين لذلك تم تغريم هذه الاتحادات وايقافها عن النشاط الدولي واقربها ان اثقال تونس ونيجيريا لن تشارك في بطولة افريقيا القادمة في كينيا في الاسبوع الأول من شهر مايو المقبل.
ومن اللاعبين العرب الذين تضمنهم التقرير الدولي للاثقال لاعب من قطر ينتهي ايقافه في 30 سبتمبر 2003 ولاعب مصري هو ثروت بنداري انتهى ايقافه في 11 مارس الماضي بعد ايقاف لمدة عامين، ثم أعلن اتحاد رفع الاثقال المصري بأن اللاعبتين امل وعبلة حمدي تناولتا المنشطات وتم ايقافهما عامين ابتداء من مارس الماضي.
وفي دورة الألعاب الشتوية الاخيرة في مدينة «سولت ليك» الامريكية ظهرت سبع حالات ايجابية للمنشطات ويبحث الاتحاد الدولي للاثقال زيادة الغرامات على الاتحادات الأهلية التي يثبت تعاطي لاعبيها للمنشطات كذلك فان اللجنة الاولمبية الدولية قررت هذا العام ان توقع الغرامة على اللجان الاولمبية بواقع 150 ألف دولار في حالة ظهور ثلاث عينات ايجابية باللجان الأولمبية الدولية..
تفشي المنشطات
وعلى الرغم من تفشي حالات المنشطات في اللعبات الفردية التي يحتاج اللاعب فيها الى زيادة عضلات جسمه بشكل كبير سواء في رفع الاثقال او السباحة او العاب القوى او كمال الاجسام إلا ان الخطر الأكبر للمنشطات بدأ ينسحب الى المستطيل الأخضر، وبدأت حالات المنشطات تظهر بين لاعبي كرة القدم وانتقلت العدوى والآفة من الملاعب الاجنبية الى الملاعب العربية واصبح النجوم العرب يتعاطون المنشطات فلم تكن حالة اللاعب المصري هاني سعيد في بطولة كأس الأمم الافريقية الماضية في مالي الاخيرة بل ان بطولة الأمير فيصل بن فهد العربية لكرة القدم بتونس ظهرت بها حالتا منشطات.
نجوم كرة القدم
وعلى مستوى نجوم العالم في كرة القدم هناك نجوم كثيرون اتهموا بتعاطي المنشطات مثل الهولندي ادجار ديفز والذي ظهرت عينة البول ايجابية للمنشطات عقب مباراة فريقه يوفينتوس مع ادونيزي يوم 4 مارس 2001 وادجار ديفيز كان اللاعب رقم «8» في الدوري الايطالي الذي تظهر عيناته ايجابية، كذلك اللاعب الهولندي فرانك دي بوير الذي ثبت تعاطيه لعقار «ناندرولون» وهي مادة محظورة وظهرت له بعد مباراة فريقه برشلونة مع سيلتا فيجو في بطولة كأس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم وغيرهم كثيرون.
خطر المنشطات
وللأسف الشديد فإن اللاعبين لا يعرفون خطر تعاطي العقاقير المنشطة فهم يبحثون عن المجد الوقتي الزائف فهناك عقاقير وادوية محظورة يصل عددها الى 320 دواء منها الهرومونات المنشطة للذكورة والتي تؤدي الى تغيرات مرضية في الكبد وضمور في الخصيتين والى العقم اما منبهات الجهاز العصبي فتؤدي الى ارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام ضربات القلب والصداع المزمن.. وادوية مدرات البول التي يتناولها اللاعبون لانقاص وزنهم ولاخفاء المنشطات فهي تؤدي الى خلل في املاح الدم وخمول وضعف عام وارتفاع في نسبة السكر يضاف الى ذلك تناول لاعبي كرة القدم لدواء «الكرياتين» وكان لاعبو الأندية الانجليزية اكثر اللاعبين تعاطياً له بل ان بعض لاعبي المنتخب الانجليزي اعترفوا بأنهم تناولوه في كأس العالم الماضية بفرنسا وهذا الدواء يؤدي الى الفشل الكلوي ومتاعب في الكبد.
مبادرة الاتحاد العربي
وتظهر اضرار المنشطات على اللاعبين بعد اعتزالهم وتؤدي الى عدم التحكم في تصرفاتهم وتؤدي الى الوفاة فجأة او الانتحار مثلما حدث مع احد ابطال السويد في رمي الجلة ولاعب آخر حاول قتل زوجته بشفرة حلاقة ومنهم من اصيب بسرطان الكبد ولان العقاقير المنشطة خطيرة على الرياضيين وعلى صحتهم بعد ذلك فقد وضع الاتحاد العربي للألعاب الرياضية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد خطة استراتيجية لمدة خمس سنوات تعرف بالخطة الخماسية لمكافحة المنشطات واقرت من قبل وزراء الشباب والرياضة العرب عام 1996م واقترحها الاتحاد العربي للألعاب الرياضية وأعلن عنها عثمان السعد الأمين العام للاتحاد العربي بأن هذه الخطة تأتي من اجل نشر الوعي بأخطار المنشطات في الحركة الرياضية العربية وأشار الى ان هذه الخطة حققت خلال السنوات الماضية نتائج ايجابية حيث تم تنظيم أكثر من 12 ندوة تدريبية بالدولة العربية مع تنفيذ برنامج رقابي على المنشطات في الدورات العربية كذلك ساهمت الخطة في شروع بعض الدول العربية في إنشاء مختبرات ودراسات حول المنشطات في الرياضة.
وإذا كان الاتحاد العربي للألعاب الرياضية سباقاً في محاربة المنشطات في الرياضة العربية فان الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» ينوي اخضاع اللاعبين الذين سيشاركون في نهائيات كأس العالم بكوريا واليابان الى تحليل الدم للكشف عن المنشطات بالاضافة إلى تحليل البول.
ويعتبر تحليل الدم هو الأقوى في الكشف عن المنشطات ولن يستطيع أي لاعب ان يهرب منه، فإذا علم أي لاعب مدى الفضيحة التي سوف تلحق به وبفريقه وبلده ما تعاطى هذه المنشطات أبداً.
الجمعة 13 أغسطس 2010, 9:28 pm
